
حج 2024: الإنسانية والمنفعة في الأولويات
البروفيسور الدكتور نيايو خوديجة، S.Ag.، M.Si
مستشار UIN Raden Fatah Palembang
يعتبر الحج من أقدس اللحظات في حياة المسلم . في كل عام، يتوافد ملايين الحجاج من جميع أنحاء العالم إلى الموقع المقدس للاحتفال بالركن الخامس من أركان الإسلام. ومع ذلك، وراء هذه العملية الروحية العميقة هناك مسؤولية كبيرة يجب أن تفي بها الحكومة، وخاصة وزارة الدين، لضمان أداء فريضة الحج بسلاسة وأمان. في عام 2024، ستتبنى وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية عدة سياسات مبنية على اعتبارات إنسانية لضمان سلامة ورفاهية المجتمعات المحلية.
وكانت إحدى أهم الخطوات هي إنشاء حصة إضافية تبلغ 20 ألف شخص من قبل حكومة المملكة العربية السعودية. وسيتم تقسيم هذه الحصة بالتساوي بين الحج العادي والحج الخاص بنسبة 50:50. وقد تم اتخاذ هذا القرار في مواجهة معضلة كبيرة: هل سيتم تقصير الطابور النظامي للحجاج أم الحفاظ على الخدمة المثلى وضمان سلامة حياة الحجاج.
والسبب الرئيسي هو درجات الحرارة شديدة الحرارة والقدرة الاستيعابية المحدودة لمنطقة مزدلفة. في مثل هذه الحالة، لم يعد إعطاء الأولوية لسلامة السكان المحليين أمرًا قابلاً للتفاوض. لقد اتخذت وزارة الدين خيارات حكيمة لضمان السلامة العامة، خاصة بالنظر إلى المخاطر المحتملة التي يمكن أن تعرض حياة الناس للخطر في هذه الظروف القصوى. وتعكس هذه السياسة التزام الوزارة بإعطاء الأولوية للقيم الإنسانية فوق كل الاعتبارات الأخرى.
أخرى إنسانية للغاية هي برنامج “الحج الصديق لكبار السن”. وتعترف وزارة الشؤون الدينية بأن العديد من الحجاج هم من كبار السن ذوي الإعاقة الجسدية وذوي الاحتياجات الخاصة. ويهدف هذا البرنامج إلى تقديم خدمات إضافية للحجاج المسنين مثل تحسين المرافق الصحية وسهولة الوصول إليها والمساعدة الخاصة أثناء الحج. يتيح الحج الصديق لكبار السن للحجاج المسنين أداء الصلاة براحة وأمان أكبر. وهذا دليل واضح على جهود وزارة الدين في احترام كبار السن والثناء عليهم وتمكينهم من أداء فريضة الحج بسلام.
كما حققت وزارة الدين الإندونيسية تقدمًا كبيرًا من خلال تقديم مخطط “المرور” الذي يعني “المرور” أو “المرور”. وتعد هذه الابتكارات بمثابة حل لمختلف المشاكل التي يواجهها الحجاج وخاصة كبار السن . لسنوات عديدة، كانت مزدلفة نقطة ساخنة للاكتظاظ الذي غالبًا ما يزعج راحة وسلامة المصلين. وبنظام المرور يستطيع الحجاج التوجه مباشرة إلى منى دون الحاجة إلى التوقف في مزدلفة، مما يقلل الازدحام والمخاطر المصاحبة له.
ويعد هذا البرنامج تعبيراً عن التزام وزارة الدين بالقيم الإنسانية في الإسلام. وهذه الخطوة ليست مجرد حل تقني، بل هي مظهر من مظاهر الجهود المبذولة للحفاظ على كرامة الجماعة ورفاهيتها. تتضمن عملية التلفظ تعاونًا وثيقًا بين وزارة الدين والمكتب ورؤساء المجموعات. ويعمل المكتب، المسؤول عن توفير الخيام ووسائل النقل، بشكل وثيق مع رؤساء المجموعات لضمان حصول التجمعات المسجلة في مخطط المرور على المساعدة الكافية.
وبصرف النظر عن التغلب على الازدحام في مزدلفة، فإن نظام المرور له أيضًا تأثيرات إيجابية أخرى. ولا يحتاج المصلون، وخاصة كبار السن أو الذين يعانون من ظروف صحية معينة، إلى التعب المفرط لأن عليهم الوقوف في مزدلفة. ويمكنهم التوجه مباشرة إلى منى وأخذ قسط من الراحة بشكل أسرع، مما يزيد بدوره من سلامتهم وراحتهم.
السياسات الإنسانية هي جوهر كل قرار تتخذه وزارة الدين فيما يتعلق بتنفيذ فريضة الحج. ولا يتعلق الأمر فقط بإتمام الالتزامات الإدارية، بل يتعلق أيضًا بفهم الاحتياجات الحقيقية للجماعة والاستجابة لها. تعكس السياسات التي تركز على الإنسانية القيم الإسلامية وتنفيذ المبدأ الثاني من البانشاسيلا كأساس للدولة والذي يؤكد على أهمية مساعدة بعضنا البعض والحفاظ على الكرامة واحترام الحقوق الفردية.
وفي سياق أداء فريضة الحج، فإن السياسات التي تعمل على أنسنة المجتمع تعني إيلاء اهتمام خاص للفئات الضعيفة مثل كبار السن، وضمان سلامة وصحة كل حاج، وتقديم الدعم العاطفي والروحي. ويشمل ذلك أيضًا الشفافية والانفتاح في قبول النقد والاقتراحات من الجمهور لمواصلة تحسين جودة الخدمة.
إن السياسات التي اتخذتها وزارة الدين لتنفيذ موسم حج 2024 لا ترتكز على الجوانب اللوجستية والفنية فحسب، بل تأخذ أيضًا القيم الإنسانية بعين الاعتبار. ومن خلال إعطاء الأولوية لسلامة الحياة وراحة كبار السن والاهتمام بالجماعة بأكملها، تُظهر وزارة الشؤون الدينية التزامها بجعل الحج تجربة ليست روحية فحسب، بل إنسانية أيضًا. ومن الواضح في كل سياسة يتم اتخاذها أن وزارة الشؤون الدينية تحاول الحفاظ على كرامة وسلامة كل جماعة. وهذه خطوة ينبغي تقديرها ودعمها، لأن الحج في النهاية ليس مجرد رحلة جسدية إلى الأرض المقدسة، بل هو أيضًا رحلة القلب نحو الإخلاص والاستسلام لله سبحانه وتعالى. ومن خلال اتباع نهج شامل وتعاوني، يمكننا ضمان أن يكون تنفيذ فريضة الحج أفضل كل عام، بما يضمن سلامة وراحة كل حاج، وإعلاء القيم الإنسانية التي تشكل أساس كل هذه السياسات.